من أنا؟

Wednesday, November 21, 2007

مجدي الجلاد

لو كنت مكان الرئيس مبارك لأقلت الحكومة مرتين، علي الأقل، هذا الأسبوع.. ولو كنت مكان الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، لقدمت استقالة الحكومة مرتين أيضاً.. ولو كنت مكان السادة قادة الحزب الوطني لعقدت اجتماعاً عاجلاً، لمراجعة حالة التخبط والتضارب والفشل الحكومي والحزبي في التعامل مع قضايا شديدة الخطورة والحساسية.
هذا ليس هجوماً ضد الرئاسة والحكومة والحزب.. وإنما هو محاولة لإقرار المسؤولية لمن تولي المسؤولية وتحملها.. وإلا فما معني أن يحكمنا أناس يتخبطون ويسقطون في الفوضي والارتباك، بل ويظهر ذلك علناً في تصريحات رسمية.. فما بالنا بالملفات والقضايا القومية الحساسة.
ولكن لماذا أطالب مبارك بإقالة الحكومة مرتين؟!.. ولماذا أدعو رئيس الوزراء إلي التحلي بالشجاعة، وفضيلة الاعتراف بالخطأ، ثم الاستقالة الشريفة؟!.. السبب واضح وبسيط للغاية.. فالحكومة التي ترفع أسعار الكهرباء، في سرية تامة، لا تستحق أن نثق فيها.. ولا تستحق أيضاً أن يثق فيها الرئيس.. فالقرار الذي كشفته «المصري اليوم»، علي صدر صفحتها الأولي، أمس الأول، ولم ينفه أحد، يؤكد أن الحكومة تحولت إلي «تنظيم سري».. حاجة كده زي «الإخوان المسلمين» أو «القاعدة».. تجتمع سراً.. تخطط سراً.. تقرر سراً.. ثم تنفذ سراً.. والمواطن، الذي منحها تفويضاً بالحكم، يتلقي فاتورة الكهرباء بالأسعار الجديدة بعد «استغفاله»، أو - بمعني أدق - «سرقته في الخفاء».. فكيف نرضي بأن يدير أمورنا «تنظيم سري» يخدع المواطنين كل صباح.. ويتعامل معهم باعتبارهم شعباً لم يبلغ سن الرشد.
أين شفافية الفكر الجديد في الحزب الوطني.. ورجال الفكر الجديد في الحكومة؟.. أين احترام المواطن؟.. ولماذا لا تعلن الحكومة قرارها بزيادة أسعار الكهرباء إذا كانت تملك مبررات كافية لذلك.. ولماذا تحاكم السلطات «التنظيمات السرية»، وتترك «الحكومة السرية» دون حساب؟!
وحتي ندرك مدي خداع هذه الحكومة للمواطنين.. دعوني أكشف لكم حجم المؤامرة والالتفاف في هذا القرار.. فقد فكرت الحكومة، وأمعنت التفكير، في أسلوب تمرير الزيادة.. تماماً مثل عادتها في كل «مؤامرة سرية».. ووجدت - بالطبع - أن شهر نوفمبر هو المناسب.. لماذا؟.. ببساطة لأن فصل الصيف انتهي لتوه بفواتير الكهرباء المرتفعة، نظراً لاستخدام أجهزة التكييف وخلافه.. وبالتالي لن يشعر المواطن بأن الفاتورة ارتفعت، لأنه يدفع فاتورة مرتفعة طوال أشهر الصيف.. حاجة كده زي «النشال اللي بيشغل الضحية بأي شيء ثم يلقط محفظته بخفة».
وإذا كان الشعب المصري لم يبلغ سن الرشد، التي تؤهله لمحاسبة الحكومة علي هذه الجريمة، فإن الأمر يجب أن يرفع مباشرة لصاحب سلطة الحساب: الرئيس مبارك.. فهو بحكم الدستور رئيس السلطة التنفيذية.. وليس لائقاً أن يرأس جهازاً يخدع المواطنين، ويصدر قرارات خطيرة تؤثر علي ميزانيات البيوت و«لبن الأطفال».. ثم يصمت، ولا يحاسب هذا «التنظيم السري».. وليس عدلاً أن ندفع دون أن نعلم.. إلا إذا كانت الحكومة تعتقد أن الله خلقها لتخدعنا.. أو أن رئيسها ووزراءها ليسوا مواطنين مثلنا.. وأن محاسبتهم أمر مستحيل.
أقول للرئيس إن محاسبة الحكومة علي خداعها المواطنين واجب عليه، وليس تفضلاً أو هبة.. وأقول لرئيس الوزراء إن الاستقالة شرف لا تستحقه حكومة تعمل بشكل «سري».. وأقول للمواطنين «ادفعوا بالتي هي أحسن».. ولكن علموا أبناءكم الشفافية، وشجاعة الاعتراف، وفضيلة المحاسبة والاحتجاج.. فلا أمل فيمن يحكمنا.. ولا أمل فينا!!
*ولكن .. لماذا الاستقالة الثانية للحكومة.. نستكمل غداً.
posted by مفيش فايدة at 3:57 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home