من أنا؟

Wednesday, September 26, 2007

حول حرية الصحافة

في الجلسة الساخنة التي عقدها المجلس الأعلي للصحافة لمناقشة شائعة الرئيس مبارك وأثرها علي الحياة السياسية والاقتصادية. كان اللافت للنظر تأكيد صفوت الشريف رئيس المجلس أمين عام الحزب الوطني ورئيس مجلس الشوري أكثر من مرة أن حرية الصحافة لا رجعة عنها. وأن الديمقراطية هي سمة من سمات حكم الرئيس مبارك لن يحيد عنها. في الوقت ذاته كان كثير من المدافعين عن حرية الصحافة وأولهم نقيب الصحفيين نفسه الأستاذ جلال عارف وفريدة النقاش رئيسة تحرير الأهالي لا يرون أن تتم محاسبة الصحفيين علي الشائعة "فقط" بمعزل عن الأحوال العامة لهم وأهمها ضعف مرتباتهم وأجورهم.. وبالتالي فهم معذورون في شططهم. وكان العجيب أنني فهمت من كلام سيادته أن ضعف المرتبات الصحفية والحياة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الصحفيون ربما تبرر انفلاتهم الأخلاقي والمهني أحياناً. والحقيقة أنني رثيت لحالنا وحال النقابة عندما تحدث سيادة النقيب الذي أكد أنه قام في الشتاء الماضي بعقد اجتماعات لرؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة نتج عنها وقف حملات التشهير التي كانت تحدث.. وهو ما لم يحدث!! ونوه النقيب إلي نقطة في غاية الخطورة وهي أن النقابة لا تستطيع شيئا لأعضائها سوي لفت نظرهم.. لكن د.صلاح قبضايا الصحفي المحترم نبهه إلي أنهم كادوا يوقعون عليه عقوبة تأديب وهو رئيس تحرير لأنه وقع جزاء علي أحد المحررين نتيجة لارتكابه خطأ فادحاً. لولا أن لجنة التحقيق التي تولت مساءلته اقتنعت بوجاهة رأيه والإجراء الذي اتخذه ضد المحرر. لكان مصيره التأديب. إذن النقابة تستطيع تفعيل ميثاق الشرف الصحفي إذا أرادت!!. وتستطيع أن تتخذ من الإجراءات ما يضبط الإيقاع الصحفي. ويرسخ مناخ الحرية الذي يتربص به المتربصون ويستغلون تجاوزات البعض ليشطبوا كلمة الحرية نهائياً من القاموس السياسي المصري.. لكن نقابتنا عاجزة! لقد أعجبني صفوت الشريف وهو يعلق علي ماكتبه أحد أعضاء مجلس النقابة "المحترمين" عن بيان أصدره المجلس الأعلي للصحافة حول شائعة مرض الرئيس "يبله ويشرب ميته"قائلا إن المجلس لايمكن أن يثنيه عن عمله ارهاب فكري أو تجاوز سلوكي!! والحقيقة ان هذا هو الفارق الجوهري بين المجلس الأعلي للصحافة والنقابة. فالمجلس الأعلي ليس له مصالح انتخابيه يخاف عليها. ولايمكن أن يري خطأ ما فيتجاوز عنه.. المجلس منزه عن الغرض والهوي.. ليس له مصلحة سوي الابقاء علي حرية الصحافة بيضاء من غير سوء والمحافظة علي ثوبها الناصع بدون بقع سوداء. نقابتنا الموقره لم تعد تهتم بالصحفي إن كان صحفياً أو عمل في بداية حياته مدرساً أو لاعب كرة أو امتهن المحاماة ولما فشل فيها أصبح صحفياً.. ان النقيب الذي زعم انه لمّ الشمل بعد تجاوز عبدالحليم قنديل في حق الرئيس في جريدة الكرامة العام الماضي. وأن اجتماعه الذي حضره رؤساء تحرير الصحف الخاصة والمعارضة والقومية ساهم في تهدئة النفوس الي حد كبير. لم يشخص الأمور جيداً. فالحقيقة أن الاجتماع لم يسفر عن شئ. وظلت الصحافة الخاصة في غيها سادرة واستمر الاخوان المسلمون يدخلون ويخرجون في النقابة بكل حرية. وتحولت سلالم النقابة الي مأوي لكل الحركات السياسية التي نجح مجلس النقابة الموقر في استضافتها بشكل يومي بحجة انها منبر الفكر والرأي والحرية. وتعالوا نسأل أنفسنا بأمانة. هل كل الصحفيين الذين تختبرهم لجنة قيد في النقابة يصلحون لامتهان الصحافة وتولي مسئولية "القلم" التي أقسم بها الله في كتابه العزيز. ان المثير للدهشة أنه في عصر النقابة الحالي أصبحت الشائعة أهم من الخبر.. بل أصبح الباعة الجائلون. وغرز الحشيش وجلسات المقاهي هي المصدر الرئيسي للأخبار عند الصفوة الذين من المفروض أن يقودوا الرأي العام..ثم دعونا نتساءل ما الذي كانت ستؤول إليه شائعة مرض الرئيس. لو لم يتحرك المجلس الأعلي للصحافة وتعقد لجنتاه القانونية والممارسة الصحفية اجتماعات لمحاصرة هذه الشائعة ووأدها. وعفوا فإني أستنهض في الصحفيين نخوتهم وأسألهم ألم يشعروا بمرارة والمجلس الأعلي للصحافة يعيب علينا افتقارنا إلي المباديء الصحفية البدائية وخلطنا الرأي بالخبر في تحقير لعقول الرأي العام والاستهانة بها؟! ألم يشعر مجلس نقابة الصحفيين بأية غضاضة وهو يقرأ بيان لجنة الممارسة الصحفية عن افتقار الصحف الخاصة "خصوصا الدستور والبديل والكرامة" لأبسط المعايير المهنية؟! ألم يسأل النقيب ولجنة القيد الوهمية بالنقابة عن المعايير التي يطبقونها عند تجديد كارنيهات النقابة للسادة الصحفيين؟! صحيفة مثل البديل مازال رئيس تحريرها منتسبا للأهرام في بطاقته الصحفية ومع ذلك يمارس صحافة الابتزاز في صحيفة خارجة عن الآداب العامة. ومثله عيسي المنتمي لروزاليوسف وحمدين صباحي الصحفي النائب الذي يستغل الاشاعات في تعضيد وتلميع نفسه في البرلمان. لقد قال صفوت الشريف شيئا هاما للغاية في الجلسة الحاسمة التي عقدها المجلس أمس الأول حيث أعلن أن المجلس لن يقوم بدور النقابة والنقابة لن تقوم بدور المجلس. الشريف حريص علي أن تؤدي النقابة دورها وهو لايمارس وصاية عليها. ولكنه أشبه بالوالد الذي يطالب الأبناء بالالتزام بميثاق الخلق الرفيع والسلوك القويم. وهو في حالتنا اسمه ميثاق الشرف الصحفي. وقد تركناه علي الرف لسبب بسيط وهو اننا أصبحنا نهتم بأن نملأ النقابة بالصحفيين ولا نهتم أن نسلحهم بالتقاليد والقواعد والمعايير التي يجب أن يلتزموا بها في عملهم. ومن الآن أقول ان المجلس الأعلي للصحافة يحرث في البحر.. فلا النقابة ستطبق ميثاق الشرف ولا ستخطره بمحاسبة الصحفيين من أعضائها. خصوصاً وأن الانتخابات قادمة. والنقابة لا تريد أن تغضب أحداً. فالصوت الانتخابي أهم من الشرف والأخلاق والقواعد الصحفية.. وإذا كان أعضاء مجلس النقابة بدأوا منذ الآن التحالفات والتربيطات والمساومات والابتزاز. فكيف تسألونهم عن الشرف؟!
posted by مفيش فايدة at 1:29 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home