من أنا؟

Monday, November 26, 2007

استقالة شعب

لا شيء يمكن أن يحرج الحكومة ـ أي حكومة ـ أكثر من افتقادها الثقة لدي الشارع، وغياب المكاشفة والشفافية في القرارات والسياسات المختلفة.. لذا كان طبيعياً أن أطالب، أمس واليوم، بإقالة أو استقالة الحكومة المصرية هذا الأسبوع مرتين.. الأولي: لأنها رفعت أسعار الكهرباء في سرية تامة، ودون إعلام المواطنين بالقرار.. والثانية: بسبب حالة الغموض والارتباك، التي سادت الرئاسة والحكومة خلال ٤٨ ساعة حول مشروع إنشاء عاصمة جديدة لمصر.

صفوت الشريف، رئيس مجلس الشوري، يعلن يوم السبت أن المجلس تلقي مشروع الحكومة، لإنشاء العاصمة الجديدة، لإبداء رأيه في الأمر، والرئيس مبارك يؤكد يوم الاثنين، في تصريحات واضحة، إرجاء المشروع، ويقول نصا ـ وفقا لما أذاعه التليفزيون المصري ـ إن «كلام الحكومة مجرد دردشة وكلام».

وفي الحالتين: الإعلان عن المشروع، ثم إلغائه.. لم يعلم الشعب شيئا.. وكأن السلطة تتعامل معه، باعتباره طرفا مراقبا، وليس شريكا.. فلا الحكومة قالت لنا تفاصيل ومبررات ومصادر تمويل إنشاء العاصمة الجديدة.. ولا الرئيس قال لنا لماذا أعلنت حكومته عن المشروع.. ولماذا ألغاه هو بعد ٤٨ ساعة من تصريحات صفوت الشريف.

وإذا كانت حكومة الدكتور أحمد نظيف قد حققت إنجازات لا ينكرها أحد، لاسيما في الملف الاقتصادي، والقوانين الميسرة للاستثمار، والأجواء الجاذبة لرؤوس الأموال العربية والأجنبية، وإذا كان الشعب قد أبدي تقديرا واضحا لنزاهة وتوازن شخصية «نظيف» مقارنة بسابقيه.. فقد كان ينبغي علي الحكومة أن تبادل الشعب تقديرا بتقدير.. وبدلا من أن تخفي عنه التوجهات والسياسات، وتصدر القرارات السرية، كان عليها أن تنظر إليه كطرف شريك في التحديات والمصير والمستقبل.

ومادمنا نتحدث دائما عن الأسلوب العلمي، الذي تدير به الحكومة معظم الملفات المهمة، فأين المشكلة في أن تنتهج مبدأ المكاشفة والمصارحة في قرارات تراها منطقية، وتمتلك فيها مبررات اقتصادية، ودراسات للسوق والدعم ودخول المواطنين..

أين المشكلة في أن تعلن لنا حكومة د. نظيف سياستها ـ مثلا ـ في ملف الدعم خلال السنوات المقبلة، بحيث نعرف أي السلع والخدمات التي سيرفع عنها الدعم، وفقا لأجندة زمنية معروفة للجميع.. وأين المشكلة في أن تقول لنا الحكومة إنها تواجه صعوبات في «كذا وكذا».. وأنها لم تجد حلا سوي أن تفعل «كذا وكذا».. هل هي كيمياء.. أم أن التخطيط المعلن اختراع لم يصل بعد إلي مصر.

لابد أن نعرف لماذا رفعت الحكومة أسعار الكهرباء.. ولابد أن نعرف أيضا لماذا قالت «نعم» لمشروع العاصمة الجديدة.. ولماذا قال الرئيس «لا».. لابد أن تجعلنا الحكومة شركاء، لا خصوماً وأعداء.. فليس أقسي من أن تعزل الحكومة المواطنين.. وليس أخطر من أن ينصرف المواطن عن الحكومة والسلطة، لإحساسه بأن «كياناً سرياً» هو الذي يحكمه، وليس «حكومة علنية» كما نريدها.

وإذا كانت الحكومة لا تريد الاستقالة في هذا الوضع.. فأمامها أمر من اثنين: إما أن تتخذ الشعب شريكاً ناضجاً.. أو أن تقبل استقالة الشعب حتي لو كانت مسببة!
posted by مفيش فايدة at 6:34 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home