من أنا؟

Thursday, January 3, 2008

بين الخوف والحكمة

هل يخاف الرئيس حسني مبارك؟
وبلا تردد: طبعا يخاف الرئيس مبارك، ولكن ممن يخاف؟
الرئيس لا يخاف من أجهزته ومن رجاله ومن نظام حكمه، لأنه اختار من يثق فيهم وقربهم منه، فضلا عن أنه يستمع إلي نصائح أجهزة الأمن، فيما يتعلق بتوفير سبل الحماية له، ولنظام حكمه ويطبقها بحذافيرها.
والرئيس، بما لديه من سلطات وصلاحيات كبيرة، تجعله هو صاحب القرار في الكثير من شؤون الحكم، حتي فيما يخص الصغير منها، وهذا يمنح الرئيس ـ أي رئيس جمهورية ـ قوة غير عادية، ربما تدفعه في بعض الأوقات إلي الاعتقاد أنه من عينة أخري غير عينة البشر العاديين.
لكن فيما عدا ذلك، فالرئيس يخاف، مثل بقية الناس، فهذا الخوف شعور إنساني، تختلف درجاته من فرد إلي آخر، والرئيس مبارك قد يرغب مثلا ـ بالرغم من أنه نفي ذلك ـ في أن يتولي نجله جمال مبارك الحكم من بعده، لكنه، خوفا عليه من تحمل مسؤولية كبيرة، قد يرفض أن تتحول هذه الرغبة إلي واقع.
والرئيس قد يغضب من سماع كلمات مثل ثورة الجماهير علي فساد الحكم، وعلي غلاء الأسعار، وعلي ارتفاع نسب البطالة، لكن التقارير التي ترفعها الأجهزة الأمنية إليه، تجعله يتردد في اتخاذ بعض القرارات، خشية من ردود فعلها، ومن بينها التعامل مع قضية دعم رغيف الخبز، وهذا التردد ليس راجعا إلي حرص الرئيس أو حرص الدولة علي البعد الاجتماعي للمواطنين، لكنه راجع أيضا إلي الخوف من أن يؤدي انفلات الأسعار بالنسبة لسلعة الخبز إلي غضب جماهيري عارم.
والرئيس في سياساته الخارجية يتردد كثيرا في اتخاذ بعض القرارات، وتأتي ردود الفعل أقل بكثير من الفعل نفسه، وهذا ينطبق علي السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية أيضا.
وأذكر أن الرئيس مبارك جمع، منذ حوالي ٦ سنوات، رؤساء تحرير الصحف القومية وبعض الحزبية والمستقلة، ليسألهم عن رأيهم، فيما يمكن للدولة أن تفعله حيال تصرفات شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، المتهورة.. واعتدائه علي سيادة الأراضي المصرية في سيناء.
وقال من قال.. واقترح من اقترح.. لكن الرئيس كان له رأي آخر، فقد قال: إنه لن يضع رأسه في فم الأسد، والأسد طبعا هنا هو شارون.
وقد يسمي البعض ذلك خوفًا، وآخرون يسمونه حكمة وتقديرًا للمسؤولية، ولك أن تقول ما تشاء من صفات أو تعبيرات علي كلام الرئيس، لكنه في النهاية هو نوع من الحذر المشوب بالخوف من قيامه برد فعل تجاه إسرائيل، يدفع المجنون شارون إلي التصعيد ضد مصر، مع أن الأمر لا يستدعي كل هذا الحرص، ولا كل هذه الحكمة، هذا إذا كان في مثل هذا التصرف أي حكمة.
posted by مفيش فايدة at 4:19 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home