من أنا؟

Thursday, January 3, 2008

حكومة التصريحات

أعتقد أن حكومتنا بلا دم.. كائن معزول تماماً عن الشارع.. وعلي رأي واحد صاحبنا «إما أن الحكومة تتكلم هندي.. وإما أننا نفهم صيني».. هذا هو الواقع، وإلا ما كنا قرأنا مانشيت جريدة «أخبار اليوم» الصادرة السبت الماضي.. اقرأوه معي،
ثم علقوا بما تشاءون من عبارات لا أستطيع كتابتها هنا.. المانشيت يقول: «مواجهة حاسمة للغلاء.. الحزب الوطني يكلف الحكومة بحلول عاجلة لمشكلة طوابير الخبز.. مخابز جديدة وكميات من السلع الأساسية.. واللحوم بأسعار منافسة».
الله.. الله علي الحكومة الجامدة والحزب «أبو عين حمرا».. مواجهة حاسمة للغلاء.. تعالوا نفصّصْها مع بعض: مواجهة.. وحاسمة.. وغلاء.. اطمئنوا، فالحزب وحكومته وصلتهم أخيرا معاناة وصرخات المواطنين من الغلاء الفاحش.. اتأخرت المسألة شوية، لأن المعلومة وصلت للجنة السياسات بالحزب، وحكومته راكبة «توك توك»..
و«التوك توك» غير مرخص.. ويروي أن عسكري مرور اعترض طريق «التوك توك» ساعات وأياما، قبل أن يصل إلي مقر الحزب الوطني، ومكتب رئيس الوزراء.
الراجل سواق «التوك توك» صوته اتنبح: «يا عم أنا معايا خبر مهم للحزب ورئيس الوزراء.. الناس بتموت من الجوع.. لازم أعرفهم إن الأسعار بتولع كل يوم، ٦٥% زيادة في الأسعار خلال ٩ شهور.. أرجوك عديني».. وطبعا.. العسكري عنده أوامر.. ممنوع مرور «التوك توك» يعني ممنوع مرور «التوك توك»!
المهم.. إن الحزب وحكومته عرفوا أن الأسعار أصبحت نار.. وطبعاً الحزب لازم يوجه الحكومة.. والحكومة أخذت توجيه الحزب وأرسلته إلي الصحف القومية.. والناس عرفت أن هناك «مواجهة حاسمة» للغلاء.. وبس خلاص..! إيه رأيكم في النظام ده.. مش المهم إيه اللي حصل..
مش المهم الأسعار توقفت عن الصعود أم لا.. مش المهم إن المواطن البسيط لم يعد قادراً علي شراء السلع الأساسية.. مش المهم إن فيه ناس بتبات فعلاً بدون عشا.. المهم النظام «السيستم».. الحزب يوجّه ويكلّف.. والحكومة تنشر في صحفها.
ويبدو أن مشكلة الحزب الوطني والحكومة، أن أحداً من أعضائهما لم يعش حياة الناس.. أحمد نظيف، مثلاً، لم يأت علي بيته يوم لم يجد فيه «عشا ولاده».. يوسف بطرس غالي، مثلاً مثلاً، لم يقف - قطعاً - في طابور عيش «من أبوشلن - المدعوم».. رجال الأعمال في الحزب والحكومة، مثلاً مثلاً، لم يقضوا عيد الأضحي بدون «قطعة لحم واحدة»،
ولم يحرم أبناؤهم من تناول وجبة دافئة أو طبق أرز أياماً وأياماً.. جمال مبارك، مثلاً مثلاً مثلاً، لم يقف «وقفة» الطفل المصري - انظروا صورته في الصفحة الأولي من هذا العدد - ولم يلق «نظرة حرمان» علي «اللحمة»، وهو يضع أصبعه في فم لم يذق طعمها منذ فترة طويلة.
ثمة أشياء لا تباع ولا تشتري.. الإحساس بالمواطن ومعاناته.. المسؤولية الوطنية تجاه ٧٨ مليون مصري، يقودهم ٧٨ مسؤولاً مصرياً، لا يعرفون عنهم شيئا.. الصدق مع الناس، واحترام عقولهم في التصريحات ومانشيتات الصحف.. لا أعتقد أن بمقدور أحد من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني، أو وزراء الحكومة، شراء هذه المبادئ والقيم.
يكفي الحزب والحكومة أن يغلقوا مكاتبهم، ويذهبوا إلي منتجعاتهم، لقضاء عطلة العيد.. لا داعي لتصريحات ومانشيتات الخداع.. اتركوا الشعب المصري يواجه مصيره مع «الغلاء الفاحش».. فنحن شعب اعتاد، منذ سنوات طويلة، العيش دون حكومة..!
posted by مفيش فايدة at 7:36 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home