من أنا؟

Monday, November 12, 2007

مطرقة القدر

لم يكن هذا يوما عاديا بالنسبة لاحمد ......

لقد تحقق حلمه اخيرا وتم قبوله بكلية الطب جامعة القاهرة من الان سيطلق عليه لقب دكتور

كم كان يتمني مجيء هذا اليوم

فمنذ نعومة اظافره وهو يتمني ان يكون يوما دكتورا

يشفي الناس ويأتون اليه مرضي وحزاني ويعودوا علي يديه فرحين سالمين

كان تلك اقصي امانيه حتي حانت الفرصة في الثانوية العامة وكان يجتهد ايما اجتهاد حتي انه كان يظل

ساهرا اياما متواصلة منكبا علي الكتب والمذكرات مذكرا نفسه ان كل ذلك سيهون عندما يلتحق بكلية الطب

فلم يكن هذا اليوم عاديا لاحمد

الان سيفرح والدته التي تعبت من اجله وقاست الكثيرخاصة عندما كانت تتحمل تكاليف الدروس

الخصوصية التي لم تكن في تكلفة الدروس في القاهرة ولكنها بالنسبة لميزانية والدته عبئا ثقيلا

فهو ابن محافظة كفر الشيخ بالتحديد من دسوق يتيم الاب لديه ثلاثة اشقاء اكبر منه

اخت واخان جميعهم متزوجين ويسكنون بالقاهرة

سيلتحق بكلية الطب جامعة القاهرة ويقطن هو ووالدته عند اخيه الاكبر محمد ويبيعوا هذا المنزل القديم

الذي لا يساوي شيئا ويكون قريبا من كليته

اخيرا تحقق الحلم كان كل شيء بالنسبة لاحمد حلم بعيد بدأت رويدا رويدا تظهر تفاصيله

يحضر حقاب سفره هو ووالدته ويتجهوا الي محطة القطار متجها نحو الحلم .. نحو القاهرة

يركبون تاكسي الي منزل اخيهمحمد القابع في شبرا

كان كل شيء علي ما يرام بالنسبة لاحمد

اخيه محمد يعمل مدرسا للغة العربية ومتزوج ولديه اربعة ابناء كان ينام هو ووالدته في حجرة

ومحمد وزوجته في حجرة والاربعة ابناء في حجرة

وكان الموعد مع الحلم الكبير وعبور بوابة الجامعة ليكتشف عالما جديدا تماما عليه

ولكنه علي عكس ما توقع اندمج تماما في الكلية وتعرف علي اصدقاء جدد اولاد وبنات

وهو الذي لم يحادث فتاة من قبل ولكن ثمة فتاة من بين من تعرف عليهم جذبت انتباهه وملكت تفكيره

كانت تدعي مروة كان يحادثها تماما كما يحدث اي فتاة اخري في امور الكلية والمحاضرات

او يخرج من جو الدراسة ليتحدثوا في امور عامة عادية ولكنه كان دائما يحدثها بقلبه وليس بلسانه

وكانت هي الاخري منجذبة اليه علي الاقل هو كان يشعر بذلك كانت تطئن عليه اذا غاب وساعده في كثير

من الامور وكن تفكيره في مروة لم يمنعه من التركيز في دراسته التي طالما احبها

كان يعود الي منزل اخيه في الخامسة يتناول غدائه ثم يدخل الي حجرة النوم ويغلق علي نفسه

ويذاكر حتي ساعات متأخرة من الليل واحيانا تدخل عليه والدته لتدعو له او تحدثه قليلا

ومرت الايام وظهرت نتيجة الترم الاول ... ياللفرحة امتياز هكذا هتف احمد بفرح

وكان همه الاول ان يطمئن علي مروة فوجدها امامه ... ياللفرحة انها امتياز ايضا

في هذا اليوم علي غير العادة مشي مع مروة وحدهما وكانا يتحدثان في امور عادية وفجأة

وجد نفسه يقول بحبك ما رأيك؟

ادهشته الجملة التي اطلقها توا اكثر مما ادهشتها انه خجول خاصة امام الفتيات ويقول لها بحبك

هكذا مباشرة وصريحة يمكن ان يكون هذا من اثار الفرحة بالنتيجة

والمفاجأة الثانية المباشرة له عندما ردت بدورها بسرعة وانا كمان بحبك

ما هذا ؟ لقد انتقل ومعه مروة الي الجنة حيث لازمن ولا وقت في هذه اللحظات المسروقة علي

غفلة من الزمن كان هذا افضل يوم له في القاهرة بل هو اليوم الافضل له في حياته

هكذا اخذ يردد احمد في طريق العودة الي منزل اخيه واندهش كيف لم يتصل بأمه

ليطمئنها ويفرحها معه واخذ يتصور كبف ستفرح به امه كثيرا اه .. كم يحبها

دخل منزل اخيه وجد اخواته الثلاث واقفين والعائلة كلها والدموع في عيونهم

والحزن والاسي علي وجوههم ماذا حدث؟

كأن رصاصة اخترقت قلبه توا الذي كان من ساعة واحدة يخفق حبا وشغفا

الان يخفق حزنا زكمدا ماتت امي ذهب الحضن الامن الاخير له الذي كان يلوذ به من قساوة الدنيا

يااااااه الان انتقل الي النار حيث لازمن ولا وقت

وقفت به الدنيا مر الدفن والعزاء ومشاهده الحزينة ككابوس علي احمد يريد ان يفيق منه ولكن بلا جدوي

فمطرقة القدر القوية حطمته وهزمته بالضربة القاضية

مرت الذكري الاربعين علي وفاة والدته ولا يزال يعيش مع اخيه الاكبر محمد وتدريجيا

بدأ يشعر انه صار عبئا وحملا ثقيلا علي اخيه واسرته كانوا يعاملونه بجفاء ويقابله بلطف

وكل يوم تخلق مشاجرة مع زوجة اخيه او اولاده يخرج منها هو المخطيء ويضطر ان يعتذر

لقد فهم الموقف برمته لقد كان اخيه يتحمله اكراما لوالدته والان وبعد رحيلها ضاق به ومن متطلباته

فأخيه هو من يصرف عليه فأصبح لا يعطيه مصروفا ويعطيه ضرورياته بالكاد

ولان احمد يعرف ان لا مكان له سوي بيت اخيه فكان يتحمل ويصبر علي امل ان يتخرج ويصير طبيبا

ويصرف علي نفسه وبعدها يستقل بحياته ويتزوج ممن قلبه احب

كانت هذه احلاما وردية لا مجال الان لان تحدث في ارضه الواقعية الاليمة فهو بالفرقة الاولي وامامه

ست سنوات كاملة

اخذ يصبر علي ضيق اسرة اخيه به ويقابله بلطف ولين حتي لا يتصيدوا له الاخطاء

الي ان جاء يوم كان احمد يذاكر في حجرته كعادته حتي دخل عليه اخيه الاكبر وزوجته والشرر والغضب

يخرج من اعينهم وتقدم منه اخيه ولطمه علي وجهه بقوة صارخا اخرج بره بيتي يا حيوان

حاول احمد ان يستفهم عما حدث ولكن اخيه كان غاضبا

اخذ احمد حقيبته وخرج ودموعه في عينيه كان يبكي بحرارة لا يعلم اين يذهب وحيد في هذا العالم

اول مرة يري نفسه ضئيلا شعر الن بأنه يتيم رحلت امه .. لما رحلت؟

اواه ما هذا الالم والقهر الذي يشعر بهما وجد قدميه اخذته لمنزل شقيقته في الهرم

استقبلته وزوجها واولادها بفتور اعتاده من اخيه محمد وقد تعلم الدرس هذه المرة فكان لا يسهر حتي لا

يستهلك النور ولا يطلب مالا اكثر من الضروري ولا يتناول سوي وجبة واحدة في اليوم

حتي زاد ضيقهم به انتقل للعيش عند اخيه الاخر حسن مع استقبال بفتور وضيق تحملهم بصبر شديد

ثلاثة ايام فقط وعاد الي منزل شقيقته مرة اخري علي امل ان يكونوا ارتاحوا منه في الثلاثة ايام

ومع مرور الوقت صار ينتقل كل ثلاثة ايام بين هنا وهناك حتي لا يتكرر ما حدث من اخيه الاكبر

في هذه الفترة كان يتجنب مروة قدر الامكان انه بلا كرامة ولا يستحقها انه عالة علي اشقائه

يتعاملون معه علي انه قدر ووباء احل بهم وليس شقيقهم فما باله بالغرباء

لن يحملها همومه يجب ان يبتعد عنها وزاد في انعزاله وتقوقعه داخل نفسه حتي نسي

انسانيته وذابت ادميته في خضم صراع الحياة الرخيصة

Labels:

posted by مفيش فايدة at 3:28 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home