من أنا؟

Wednesday, October 31, 2007

حزب لم يكمل تعليمه

يبدو أن الحزب الوطني الديمقراطي الموقر لم يكمل تعليمه.. وفي رواية أخري أنه «تسرب من التعليم».. وإلا ما كان قد ألغي محور التعليم من قائمة القضايا ذات الأولوية، في مؤتمره العام التاسع، الذي سينعقد في الفترة من ٣ إلي ٥ نوفمبر المقبل.
قرار مذهل وخيالي.. وتوجه ينبئ عن قصور في الفهم وغياب وعي بمستقبل هذا البلد.. فرغم اتفاق جميع القوي السياسية والفكرية، بل ومؤسسات الدولة، بدءا من الرئيس مبارك شخصيا، وانتهاء بأصغر حضانة في مصر، علي خطورة الحالة المتدهورة للتعليم بجميع مراحله، فإن السادة في الحزب وجدوا أنه من المناسب، والأفضل وضع أوراق التعليم ضمن بند الخدمات في المؤتمر، مع استبعاد الورقة الرئيسية لتطوير التعليم من قائمة القضايا ذات الأولوية.
حزب لا يعرف مصر.. لا يعرف أن أي شيء، وكل شيء، يبدأ وينتهي بالتعليم.. لا تنمية دون تطوير التعليم.. ولا قيمة ولا سعر للمواطن المصري دون تأهيله، وبناء عقله، وتكوين شخصيته، بالعلم الحديث.. والتعليم لدينا بات يشبه راعي الغنم، الذي يرعي قطيعاً ضخما في صحراء جرداء.. فلا القطيع أكل شيئا ذا قيمة.. ولا الراعي فكر واجتهد في العثور علي مراع غنَّاء.
وفي الحزب الوطني الديمقراطي الموقر، رجل اسمه حسام بدراوي.. صدع رؤوسنا بالدراسات والأبحاث عن تطوير التعليم في مصر.. سافر إلي الخارج كثيرا للوقوف علي تجارب الآخرين.. واتفق معنا علي أن مفتاح الحل لكل مشكلاتنا هو التنمية البشرية، وفي مقدمتها التعليم، كان يقول لي: لا مستقبل لمصر دون بناء إنسان قادر علي خوض معركة العلم.. فأرد عليه: طبعا..
فيقول: ونحن في الحزب لدينا رؤية متكاملة لفلسفة التعليم، التي ستنقل مصر إلي الأمام.. فأجيبه: رائع.. فيقول: سوف ترون كيف سنعالج الخلل الخطير في منظومة التعليم، انتظروا الحزب الوطني الذي سيعيد التعليم إلي عصره الذهبي.. فأقول: ياه يا دكتور حسام، يكفيكم، رغم مساوئكم الكثيرة، إصلاح التعليم!
صدقناه، وانتظرناه طويلا، هو وحزبه.. صدقناه وصدقنا الحزب الذي ضحك علينا في كل شيء.. ولكننا كنا نظن، واهمين أن قضية مثل إصلاح التعليم لن تكون صعبة علي الحزب وحكومته لأن أحدا في مصر ـ مستقلين ومعارضين ـ لن يختلف مع «الوطني» في أهمية إصلاح التعليم.. غير أن الحزب، الذي يفخر دائما، ويزهو بأنه يضم صفوة البلد، يري أن التعليم قضية ثانوية.. وأن العلم وبناء أجيال المستقبل لا وقت لهما الآن، في ظل ترتيب أمور أخري يعرفها السادة في أمانة السياسات الموقرة.
شخصياً.. قررت أن أصلح التعليم في بيتي.. لم ولن أنتظر حسام بدراوي وحزبه، وحكومتهما، وافتتحت مدرسة خاصة في البيت.. يذهب أبنائي للمدارس لتسجيل حضورهم فقط، والتعرف علي زملاء وأصدقاء جدد، وتبادل النغمات علي أجهزة الموبايل.. ثم يعودون «مغمن عليهم» من زحمة الطريق.. ينامون ساعة.. ثم يرن الجرس في البيت،
وتبدأ الحصص والعداد بيعد.. والحزب الوطني الديمقراطي الموقر يغط في نوم عميق.. وبالقطع لست وحدي.. فكل بيوت مصر تحولت إلي مدارس، بعد أن أعلنت الحكومة «اعتزال التعليم».. ويبقي أن نقيم لها مباراة اعتزال مع فريق برشلونة في استاد القاهرة الدولي بعد تجديده.
يا أمانة السياسات.. لا قيمة لما تفعلونه.. ولا فائدة من مؤتمر الحزب مادام التعليم غائبا.. وصدقوني: إعادة بناء وتحديث بلد كامل، وإعلاء قيمة العلم في ربوع مصر، أهم كثيرا من ترتيب «كراسي الحكم».. ولكن من يسمع.. ومن يفهم
posted by مفيش فايدة at 6:27 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home