من أنا؟

Thursday, October 11, 2007

خالد صلاح

في الإسكندرية عصر الخميس الماضي حاول بعض رؤساء تحرير الصحف القومية غسل أيديهم وأقدامهم وأبدانهم مما اقترفوه في حق رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، أكلوا علي طاولته، وأنصتوا لكلماته، ولم يقاطع أحد موجز إنجازاته الذي تلاه عليهم بثقة وإتقان، هؤلاء الذين استكانوا في حضرة نظيف كانوا يذبحونه في صحفهم جهرا حين التقطوا إشارات مضللة من أربابهم في السلطة بأن لحظة الإطاحة حانت، وأن الإقالة قادمة لا محالة، ثم بدلوا جلودهم بمذلة ومهانة وهرولوا بلهفة للعودة اللاهثة إلي حظيرته صفا صفا بعد أن نهشوه بغلظة وقسوة فرادي وجماعات .



كان اللقاء غنيمة للاعتذار عن التنبؤات بنهاية عهده، والتحليلات التي أجهزت علي إنجاز حكومته، والأصوات الصاخبة المطالبة بتغييره بشجاعة المنافقين الذين لا يهاجمون إلا الراحلين عن المناصب، ولا تسول لهم أنفسهم أبدا الاقتراب من الراسخين في الحكم والمقاعد، بعض الذين ابتسموا في خزي في وجه رئيس الوزراء كانوا استعدوا لوداعه ورتبوا أنفسهم لاستقبال رئيس الوزراء الجديد، بعضهم اعتبر بقاء نظيف خطرا علي الإصلاح، وإجهاضا لمسيرة التنمية في عصر مبارك،



وبعضهم طالب «بكسر القلة» لحظة رحيله،رهط من أهل اجتماع الاسكندرية كانوا قد استرقوا السمع من القصر الرئاسي مستطلعين نذر الغضب علي نظيف وأعمتهم بصائرهم الزائغة وعقولهم مهيضة الجناح عن التفسير الدقيق والتحليل الصائب لبقاء الحكومة من رحيلها، فكيف لجهلهم وأهوائهم أن تدرك علم الرئيس أو تحيط بحكمته في اختيار رجاله؟ رهط منهم اتبعوا أهواءهم وأطاعوا أولي الأمر وأولي الأموال في دائرة الحكم من الغاضبين علي رئيس الوزراء،



ولم تتوقف حملات المنافقين الشجعان إلا بأوامر الرئيس ونواهيه علي الطائرة الرئاسية في رحلة العودة من فرنسا، الرئيس أدرك أن الأحاديث المتواترة عن فخامته قد دخلت عليها حزمة من «الإسرائيليات السياسية» فقرر أن يضع حدا لجهل هؤلاء الذين ظنوا أنهم يتقربون إليه بذبح رئيس الوزراء، أو أنهم يجيدون نقد سياسات لا يرضي عنها فخامته أو لا يرضي عنها من يحددون السياسات لفخامته.



ومن باريس إلي القاهرة تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في بقاء الحكومة، حسم الرئيس موقفه بجدية، قسي علي بعضهم قسوة اعتادت عليها بخشوع جلودهم السميكة، وبعد العودة تبدلت المواقف، أصبح نظيف هو الأمل بعد أن كان المنافقون الشجعان يعتبرون الأمل في تغييره، و صار نظيف هو علامة الجودة في الإنجازات بعد أن كان رسل الجهل بلغة الإشارات الرئاسية يجعلون منه عدوا للإصلاح و مثالا للإخفاق،



تبدلت القلوب والضمائر، وهرولت الأيدي والأبدان نحو موسم الغسيل من الخطيئة، ولتكن لعنة السماء علي مصادر الأخبار في الدائرة العليا التي غضبت علي نظيف فقررت أن يغضب عليه أزلامها وأذنابها، ولتكن اللعنة أيضا علي أصحاب الإشارات المضللة وأولي الأموال والأهواء الذين كسروا رؤوسهم خنوعا من باريس إلي القاهرة.



كيف نظروا في عينيك يا دكتور نظيف ؟ كيف صافحوك وهم يرسمون علي وجوههم ابتسامة عريضة يسترضون بها قلبك ويحنون رؤوسهم بخزي معتذرين لأنهم طاولوا مقامك وأنت تعلم أنه لا مصلحة مصر، ولا مصلحة الناس، ولا مصلحة خطط التنمية كانت نصب أعينهم حين ذبحوك في صحفهم الممولة من الحزب الذي تنتمي إليه أو من الحكومة التي تترأسها، يا دكتور أنت تعرف الآن ما الذي سيقولونه عنك بعد رحيلك، وتعرف ماذا يكتبون ولمصلحة من يصدرون الصحف ويحررون المقالات، فاحترس منهم خلال عصر رسوخك في منصبك الرفيع، قل لهم إن البحر يغسل أيديهم لكنه لا يطهر القلوب والنوايا والضمائر والأقلام.
posted by مفيش فايدة at 3:12 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home