من أنا؟

Sunday, October 14, 2007

بلا سبب

كان قلقا ..... خائفا ..... مرعوبا من غضب ابيه عليه فقد اضاع صندوق مسح الاحذية

الذي كان يعمل عليه طول النهار فنام قليلا علي الرصيف فيصحو ليجد صندوق مسح

الاحذية الخاص به ليس بجواره بحث عنه في كل مكان دون جدوي ... ما العمل؟

سيضربه ابيه ضربا مبرحا وقد يطرده .......انه رضا ابن التسعة اعوام

وبرغم صغر سنه فقد عمل كل الاعمال التي يمكنه القيام بها عمل صبي حلاق

وصبي ميكانيكي وخادم في البيوت وسرح بمناديل واخيرا ماسح احذية

ولديه سبع اخوة ووالده ووالدته يعيشون جميعا في عشة صفيح عبارة عن حجرة واحدة تضم

حمام ومطبخ وحجرة نوم ومعيشة

كان رضا لديه بثرة كبيرة ومخيفة ومقززة في وجهه وكانت سببا في عدم استمراره في اي

عمل نتيجة نفور الناس منه وتقززهم من منظره هذا بالطبع بالاضافة الي رائحته النتنة

رائحة جسده الذي لم يستحم منذ ولد الا في المجاري ورائحة ملابسه التي لم يشتريها له

والده وانما وجدها في مقلب للزبالة وبالطبع لم تغسل بعد ذلك

وكان ابوه واخوته دائمي السب له وضربه بأعنف الطرق وأشدها وبالطبع في مثل هذه البيئة

السباب والضرب والعراك شيء عادي ولكن مع رضا كان الموضوع يأخذ منحي مختلف

قليلا انها الاهانة والاستخفاف لضعفه وصغره وقبح منظره حتي اطلقوا عليه لقب حمار

فأينما ذهب واتي ذهب الحمار واتي الحمار

وكان في ذلك لا فرق بين والده او والدته او اخوته او حتي من يعرفهم في منطقته

فهذا القب ملتصق به وهو راضي ولا يملك غير بلع لسانه ومعه بلع الاهانات المتكررة

كان رضا احيانا لا يقبل بذلك ويحاول التمرد علي احواله فيقابل بأشد العقاب وأشد القهر

لهذا فكان رضا يعلم وهو في طريقه الي حيث يسكن واثقا مما سيستقبله من سيل من الضرب

والسباب والاهانة ومستعدا لهذا ولكنه عندما وصل الي حيث يسكن وجد ما ليس علي بال

او خاطر وتمني ان تبتلعه الارض وجد العشش الصفيح كلها في المنطقة قد هدمت وبعين

الملهوف وجد والدته واقفة وحدها فجري نحوها واخذته في حضنها واخبرته ان البوليس

قبض علي ابوه واخوته جميعا وعندما سألها عن السبب قالت وهي تغالب دموعها لا سبب

اخذهم البوليس هكذا كانت مشاعر رضا في هذه اللحظة متناقضة فهو بالتأكيد

حزين علي والده واخوته ولانه بلا مأوي الان وكنه مع ذلك شعر شعور غريب بالسعادة

والشماتة في من كانوا يهينونه ليل نهار بلا سبب وها هم اولاء قبض عليهم البوليس بلا سبب

ليذوقوا مرارة الظلم والقهر الذي عاني منهما طوال حياته

مشي ملتصقا بوالدته اخر حائط يستند اليه في حياته

عاشوا بعض الايام علي الرصيف وكانت والدته تتركه وتأتي له بالطعام وعندما يسألها من

اين تقول له انه رزق الله حتي جاء يوم واخبرته انها ستعمل خادمة في فيلا وانه سوف ينتقل

معها للعيش هناك

كان صاحب الفيلا رجلا في الاربعين من عمره اسمه رمزي زوجته متوفية ولديه بنت في

مثل عمر رضا تقريبا اسمها نور وكان اسمها علي مسمي فهي كالبدر وواضح عليها

علامات العز والرفاهية وكان هو ووالدته يسكنون في حجرة في الدور الارضي للفيلا

ذات الدورين ملحقة بالمطبخ وكان رضا يحاول ان يكلم نور او يصادقها ولكنها كانت تخاف

منه لسوء منظره ولا حظ في اكثر من مرة مدي تقززها من النظر لوجهه

وكان رضا حزين لذلك فالي متي سيظل حبيس شكله وتلك البثرة اللعينة

كان اصدقاء نور يأتون احيانا لفيلتها ليلعبوا معها وكان يراهم بعين الحاقد انه لم يعش

طفولته ولم يلعب ولم يتعلم انه لا فرق بينه وبين الحمار اللقب الذي كان ابوه يطلقه عليه

انه يعمل منذ ولد لقد ولد ليهان ولد ليكون خادم لمن هم اقوي منه او اغني منه

فهو ضعيف وصغير وفقير وحقير لا يهتم به احد حتي والدته صارت تتجاهله وقد شك اكثر

من مرة انها تقيم علاقة مع رمزي حتي جاء يوم استيقظ فيه باكرا وتسلل خارجا وجدها

خارجة من غرفة نومه بقميص النوم فاصطنع النوم حتي لا تعرف انه راها

واندهش انه لم يصدم او يحزن فلا شيء يهم فهو لا انتماء له ولا حتي لامه

في احدي المرات راه اصدقاء نور ولاحظ انهم يسخرون منه فتضايق من ذلك بشدة

وقرر مواجتهم فلا شيء يهم ثبت نظره اليهم مباشرة متحفزا فخافوا منه عدا ولد

قال ساخرا ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان وضحك الجميع

فواجهه رضا واعطاه لكمة قاسية في وجهه ضربه بكل غيظ الدنيا لقد فرغ ذل حياته

في هذا الولد فصاحت نور واصدقائها حتي حضر والدها رمزي متسائلا

فلما عرف ما حدث مسك رضا من رقبته صائحا فيه ازاي تتجريء وتعمل كده يا حمار؟

فرد رضا بثبات ان مش حمار ... مش حمار ... مش حمار اخذ يرددها بلا وعي

وكأنه بهذه الكلمة التي ذكرته بكل اهاناته السابقة وقعت علي الجرح

فضربه علي قفاه بشدة فصرخ متضربنيش واخذ رمزي يضربه بقسوة

حتي خارت قواه وسقط مغشيا عليه واستيقظ ليجد نفسه علي سريره وامه امامه حائرة

وصرخ فيها كيف تترك هذا الرجل يضربه فسكتت ولم ترد

وعندما اخبرها انه راها خارجة من غرفة نومه اخبرته هي بما ذهله حقا

انها متزوجة من رمزي عرفيا وهو في ذهوله دخل رمزي صائحا في امه بصي يا بنت

الناس يا تعيشي هنا لوحدك يا تغوري مع ابنك بنتي عايزاه يمشي وانا معنديش اغلي منها

وكانت الام نظراتها حائرة وزائغة بين رمزي ورضا ولم تنطق

هذه الليلة خرج رضا الي الشارع ولن يعود منه انضم الي ملايين من اطفال الشوارع

ليتخرج منه مجرما وارهابيا كارها للناس والمجتمع ويدخل السجن وقد يخرج منه

ليدخله مرة اخري ويزداد كرهه لكل شيء وللدنيا الغير عادلة

ويموت ويخرج من حياته التي عاشها بلا سبب
posted by مفيش فايدة at 2:54 AM

0 Comments:

Post a Comment

<< Home